قصة النقل المدرسي
دائما ما يكون في مجتمعنا مثل هذا التلميذ بطل القصة لذلك فقررت ان اقوم بكتابة قصة معبرة لتجاوز مثل هذه الاحاسيس التي تراود التلاميذ مثل عبد الرزاق، هذه القصة هي بمتابة هدية للآباء والتلاميذ، كل من يقرأها بتمعن ستتغير حياته وحيات ابنائه باذن الله.
بداية قصة النقل المدرسي
و أشرقت الأرض بنور ربها ، رددتها حين ألجأت وجهي إلى القبلة
وأنا أرى إقبال
الشمس بنورها ليغطي بعد هنيهة كل ما يمكن أن تراه العين ، وقفت متأملا
لدقائق في الشمس و إشراقها وأنا الذي لا زال سني يقل عن الرشد، ذهبت شاردا مبتعدا عن
عالمي واضعا أسئلة غبية ظننتها لوهلة فلسفية، فجأة استرجع وعيي على إيقاع منبه سيارة
أصفر لونها ساطع يمكن رؤيتها من المكان البعيد كتب عليها النقل المدرسي، لم أشعر بأرجلي
إلا وهي تتقدم راكضة نحو الباب الذي كاد أن يغلق لولا تدخل صديقي و زميلي في الفصل
السابع، سمعته ينادي على سائق الحافلة الذي لم يكد يسمعه إلا بعد الصراخ، جلست مكاني
وبجانبي صديقي العزيز عبد العزيز، أخد مني استرجاع أنفاسي الوقت الطويل و صوت أنفاسي
يسمع من الخلف البعيد. كيف حالك قلتها سائلا حين استقر تنفسي على الوضع العادي، لم
يكد يكمل عبد العزيز جوابه ولم يمر وقت طويل عن استرجاع أنفاسي فإذا بالسائق يوقف الحافلة
بحكم قرب حينا للمدرسة لأفتح نافدة الإغاثة فيخفق قلبي إنه باب المدرسة رفعت يدي ناظرا
إلى عقارب الساعة فإذا بها السابعة و خمس وخمسين دقيقة، لم يبقى سوى دقائق على إغلاق
باب المدرس، وجهت السلام بخجل لحارس الباب فهو رجل كبير في السن ذو لحية كثيفة بعض
الشيء، يحب مداعبة الصغار، رد بابتسامة تحيي القلوب اليائسة و عليكم السلام يا بني،
انشرحت شفتاي بابتسامة خفيفة غلب عليها الخجل و انصرفت متوجها إلى القسم لأنخرط مع
زملائي في الدرس جعلت من جسدي جماد وفي وضع الملاحظة عيناي . لكن لم أستطع إقناع عقلي
بالحضور فأفكاري مشتتة، وجلوسي على الطاولة عادة كما هو الحال لركوب الحافلة والدخول
إلى الفصل والخروج منه أيضا، تأملت حالي و أحوالي و حياتي، يعجز كل من هو في عمري على
تأملها، شردت غائبا مجددا، فأنا الذي أجالس كبار السن و أشاهد برامج الكبار ولا أحب
أفلام الكرتون كل هذا جعل أفكاري تكبر سني. استفقت على صراخ التلاميذ وهم متزاحمون
ينتظرون وقوف حافلة النقل المدرسي مع اقتراب توقف الحافلة استقرت عيناي على عجلتها
فدورانها يعبر عن حالي في جل الأيام، أخذت نظرة من حولي اكتشف وجوه التلاميذ، فيجيبني
ضحكهم و ملامح وجوههم أن شيئا مفرحا يقبل على الأبواب فهم ليسوا هكذا عادة، إنه الأحد
غدا يوم الأحد وهو يوم راحة للتلاميذ هدا اليوم الذي ينتظر من منتصف الأسبوع، سكنت
مكاني في زاوية من الحافلة وفتحت نافدة الإغاثة فإذا بي أرى التلاميذ هنا وهناك يملؤون المدرسة وضحكاتهم
تسمع من مكان بعيد وفجأة التقطت عيناي صديقي عبد العزيز يتقدم مراوغا كل التلاميذ أمامه
ليصل إلى الحافلة قبل ذهابها لم أشعر بفمي وهو ينادي على السائق بلهف توقف إنه صديقي
لا زال لم يصل فتوقف السائق ليلتحق صديقي ويستمر السائق بالوقوف إلى حين إغلاق الباب
كليا.
افكار سيئة تراود عبد الرزاق
يتكئ عليه و أنا أتذكر دوران العجلة و أربط دورانها بأيامي الروتينية
. وأنا غارق في
التفكير خطفت عيناي نظرة للخارج فإذا بحينا المميز دو الأزقة الضيقة و الطريق المتغير بين سليم و محفر
و المنازل العتيقة و مصابيح الشوارع المكسورة فإذا مررت بحيينا مرة لن يراودك شك انك
تمر على حي السلحفاة و لعله اسم على مسمى فحينا يتطور كما تتقدم السلحفاة خلف الأرنب.
طرقت باب المنزل وبعدها بثواني أسمع صوتا شجيا رطبا يسري في العروق و يؤثر في السامعين
قائلا من على الباب
فأجيب
عبد الرزاق يا أمي ، فتح الباب فإذا بي أرى وجها ساطعا نوره و عينان ما رأيت مثلهما
على الإطلاق، إنها أمي صغيرة السن منبع الحنان ضمتني إليها و جعلتني سجينا بين ذراعيها
و في حضنها أحسست بالأمان، سألتني كيف مر يومك بالمدرسة يا بني، أجبت إجابة شعرت بأنها
سريعة لم تقنع أمي، كباقي الأيام يا أمي، تقدمت إلى داخل المنزل موزعا السلام و القبلات،
فهذا أخي محمد ذو الأخلاق الحميدة فهو يكبرني سنا طويل القامة شعره أسود داكن و لحيته
ليست كثيفة لكنها جميلة و أختي سعاد دائمة الابتسامة تكبرني بأربع سنوات فقط مجتهدة
و مجدة في دراستها تساعدني غالب الأحيان على حل التمارين. وضعت محفظتي في غرفتي و عدت
استمتع بيوم رائع مع العائلة بدون دراسة فهذا النصف الأخير من يوم السبت،
جلست أمام التلفاز فإذا بأمي قادمة نحوي ، حبيبي يا ذا الشعر الأسود الساحر ما كان
درسكم اليوم فوجئت من سؤالها و أجبتها في تلعثم
أكد أن إجابتي لم تكن صحيحة، بعد هنيهة سمعنا جرسا يرن إنه أبي فهذا وقت عودته من العمل
هرولت إلى الباب فاتحا و اتجهت إلى أبي الحبيب بادلني العناق وفي حضنه شعرت بالأمان
أنه أبي طويل القامة وسيم الوجه شعره يجذب الأنظار ، تقدمنا إلى الأمام لنجلس معا ثم
سألني الأسئلة التي لا أجيد التهرب منها، لم يكن معه شك بأني أتهرب من الإجابة الصحيحة
الواضحة، تناولنا الغداء مجتمعين في سعادة كما باقي أسر الحي رغم الفقر الذي تعيشه،
كنت مسرورا كثيرا بعد الغداء فموعد المباراة التي تجمع نهضة بركان بفريقي المفضل الرجاء
الرياضي قد شارفت على البداية استلقيت أمام التلفاز للاستمتاع بالمباراة فإذا بأذني
تلتقط صوتا قادما من أمي مفاده أن وقت القيلولة قد حان، في هدا الوقت من اليوم يكون
كل من في المنزل نائم يحاولون المحافظة على سلامة صحتهم، لكن أنا أكره النوم في هذا
الوقت، أجبتها متوسلا إنه فريقي المفضل يا لأمي يخوض مباراة اليوم كنت سمحت لي وكنت
متيقنا من سماحها لي بالمشاهدة لأنها تعرف حبي الكبير للرجاء، غير أني كنت متعبا فغالبني
النعاس أمام التلفاز قبل أن استيقظ مفزوعا إنه صوت المعلق ففريقي سجل هدفا و بعد الهدف
بدقائق يرفع صوت الأذان معلنا عن دخول صلاة العصر و منتظرا من يلبي النداء، بعد عودتي
من صلاة العصر أكملت المباراة وكنت فرحا حين انتهت بفوز الرجاء، بعد دقائق طرق الباب
فتوجهت إليه فاتحا، إنه عمي مصطفى، أحبه كثيرا بقلبه الصافي، ولحيته السوداء الكثيفة
و شعره الأسود و قميصه الأبيض الذي زاده جمالا و وسامة رغم كبره في سنه إذ اقترب من
تجاوز الخامسة و الأربعين، قبلني قبلة تجاوزت كل الحدود داخلي لما تحمله من محبة و
حنان، تقدمنا إلى الداخل فادا بأمي مرحبة كيف حالك سيدي
الفقيه، نعم انه إمام المسجد المجاور لحينا رحب به أخي و أختي أيضاً، جلسنا وأنا
أحكي متباهيا كيف فاز فريقي وعمي يحاول أن
يتابع حديتي و يتفاعل معي، كما أخبرته أني تركت المباراة وذهبت ملبيا نداء صلاة
العصر فعانقني وهنئني بما فعلت جاعلا وجهي محمرا خجلا، بينما الكل جالس في مكانه جعلت
أمي تنظر إلي في ابتسامة تحمل في طياتها الكثير وكأنها تنتظر مني التوسل إليها لكي
لا تتكلم اخد مني الإحراج ما شاء حين قالت لعمي أن ابني يعاني من مشاكل في المدرسة
لكن لا يريد إخبارنا بشيء، حدق عمي في رأسي المائل من مادا
تعاني يا بني، فأجبت باستحياء اد لا استطيع التهرب من السؤال اجبت من الروتين
اليومي الذي يشبه عجلة حافلة النقل المدرسي، فأخذ يمسح بيديه رأسي وهو يقول وكيف
تظن أيامنا يا عبد العزيز الكل يعيش في تكرار ايامه حتى إن شهورنا هاته تكرر هي
نفسها كل سنة و عدد ايامها ايضا و حتى الايام تتكرر نفسها كل اسبوع، لكن هدا التكرار
يعطي البلاد التقدم و الازدهار وكدلك التلاميذ يعيشون في روتين حتى
إذا أكملت اليوم وجدت وعيك يتكون و ثقافتك تزداد فإذا أردت اجتياز الاختبار
الدراسي تنجح بنقط جيدة فتمر عطلتك بعد دلك فرحا وسرورا وتتخلص حينها من هدا
الروتين الدي تعانيه، اما إذا كان العكس فعطلتك تمر بدون معنى ويصبح عامك روتيني
أكثر و كله متاعب، لدى فالجد يأتي أكله ولا
تظن أنك تدرس أشياء لا تنفعك في شيء فدروسك هاته هي زادك في الحياة فان لم
تتعلم هده الدروس وتستوعبها فستجد نفسك امام معركة الحياة بدون سلاح، فاجمع يا بني
ما تشاء من الأسلحة حتى لا تتعب قبل الانتصار، واجمع الأسلحة حتى لا تتعثر فتصبح كالكثير نال مته العياء ما شاء
فاستلقى منهزما تاركا للحياة ومتاعبها ساحة المعركة، يا بني اجمع الأسلحة لتفز
بوظيفة ولتزداد قيمة ولكي لا تكون كالكثير لا يدري في أي طريق يسير، لاحظت بأعيني
أن الكل متابع بكل مشاعره، فكلمات عمي تجاوزتني إلى الأعماق وسرت في عروقي وتحكمت
في مشاعري وجعلت عقلي يستوعب ما يقال، وكدلك كل من يستمع لهذا الخطاب، أكمل قائلا
وهو يغير نظراته بين الجميع، واعلموا يا أبنائي أن من كان مع الله كان الله معه،
وأن المتهاون في صلاته يكون متهاونا في عمله، وأن من كان مع غير الله لم يجد أحدا
معه، وجه نظراته إلي وأنا أتابع بشغف مكملا حديته، وادرك يا بني أن عجلة الحافلة
التي تحددت عنها ترفع الحافلة وإلا فهي لن تسير وبدورانها توصلك إلى منزلك، لا
تستهن بالأشياء ولا الأفعال فكل منها له دور في هده الحياة، ناظرت إليه متأملا جملته
ورسالته الأخيرة لبضع ثواني، وبعدها شعرت أن شحنات قوية شحنت بها قد غيرت أفكاري
كليا، فجعلتني أواجه مساري الدراسي بكل قوة، وأصبحت أنتظر العودة إلى المدرسة بعد
عطلة نهاية الأسبوع، فكلمات عمي جعلتني أنتبه إلى أفكاري الخاطئة التي طغت علي،
وجمله حولت مسار حياتي، وأصبحت أنتظر العودة للفصل وكلي شغف.
نهاية قصة النقل المدرسي
قمت
من مكاني مقبلا عمي على رأسه ومقبلا أمي أيضا ثم ذهبت تاركا إياهم في حوارهم
الكبير بعد أن انتهى الخطاب الموجه إلي، وذهبت إلى غرفتي أراجع بعض دروسي واربطها
بالواقع حتى غالبني النعاس لأنام في مكاني قبل أن تجعل أمي من نومي راحة. سمعت صوت
الباب وبه استيقظت ومعنوياتي مرتفعة، فتحت النافدة فإذا بأبي خارجا من المنزل
متجها إلى العمل وحزنت لأني لم أره قبل النوم، غيرت نظري متأملا في الشمس وهي تشع
ضياء، فرددت وأشرقت الأرض بنور ربها.
يمكن استخلاص امر مهم من هذه القصة وهو ان الامور ولو كانت تكرر كالعجلة فبدونها لن تدور العجلة ابدا.
يمكنكم مناقشة القصة عبر التعاليق.
الكاتب، عبد الصمد
في امان الله
تعليقات: 0
إرسال تعليق